أن الأمر يتطلب بعض من الرياضيات المتقدمة لفهم السبب. الكثير كان يستغرب فعلا، فنحن نعلم أن الشكل الدائري هو أسهل الأشكال التي تحقق قوانين تساوي الجذب مع الطرد المركزي. للعلم ليست الكواكب وحدها من يدور في مدار إهليجي حول الشمس وإنما القانون يمكن تعميمه لأي جسم سيار يدور حول جسم اخر بما في ذلك الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض، القمر، وحتى الالكترونات حول النواة.
هناك عدة أسباب في عدم اتخاذ الشكل الدائري أهمها أن الشكل الدائري هو حالة خاصة من القطع الناقص حيث يتساوى قطراه وتتحد بؤرتاه. يتميز شكل القطع الناقص عن الدائري بمرونته العالية للتغيرات المؤثرة على الجسم الدائر حول جسم اخر.
لو افترضنا أن دوران الأرض والشمس كان في حالة مثالية بمعنى أن الأرض لم تبدأ من الصفر مبتعدة عن أو مقتربة من الشمس وإنما خلقت هكذا لتدور حولها وافترضنا عدم تأثير جاذبية الكواكب الأخرى على الأرض والشمس فإننا حتما سنصل إلى أن الشكل الدئري هو أفضل المسارات التي تتخذه الأرض حول الشمس.
يستخدم قانون الطرد المركزي عادة وحده مع إهمال عملية الحصول عليه من لحظة الإنطلاق للجسم وذلك لتسهيل فهم قانون تساوي الطرد مع الجذب المكزي أثناء الدوران. يمكن أيضا اثبات أن الدوران المركزي هو دوران ذو طاقة محافظة ولايبذل أي شغل إضافي.
لكن في الواقع فإن الأجسام تبذل شغلا أو طاقة لدى انطلاقها من نقطة الصفر والافلات من السطح للبقاء في مسار مغلق بالنهاية. إذا ماتم الاخذ بعين الاعتبار هذه الطاقة فإن الحل العام للمعادلة التفاضلية لجسم يدور حول جسم اخر يكون هو مسار القطع الناقص بينما الحل الخاص هو مسار الدائرة عندما تكون الطاقة صفرا.
لكي نفهم مايتم عمليا بشكل تقريبي سنفترض رمي الحجر أو القذيفة. نحن نعلم أن الشكل العام لمسار قذيفة بزاوية مائلة يتخذ شكل القطع المكافئ تقريبا. على هذا الأساس نتوقع أن نرمي القذيفة بعيدا فترتفع لأقصى ارتفاع ثم تعود مرة أخرى للأرض ولكن على مسافة من مركز القذف. لو كررنا التجربة بحيث نزيد سرعة القذيفة في كل مرة فسوف تزداد المسافة العمودية والأفقية التي تقطعها القذيفة وفي مسار قطع مكافئ تقريبا. لكن لو أعدنا النظر في حساباتنا، وتذكرنا أن سطح الأرض ليس مستويا وإنما منحنيا في شكل كروي تقريبا فإننا نتوقع أن شكل القطع المكافئ لن يدوم مع زيادة المسافة التي ستظهر بالنهاية بشكل منحني. سنصل بالنهاية لرمي القذيفة بسرعة ترتفع بها القذيفة لأعلى ارتفاع ممكن ثم تعود مرة أخرى على مسافة أفقية بعيدة جدا تقع أبعد من امتداد الانحناء مايجعلها تلاحق السطح المنحني للأرض في كل مرة وبشكل شبه دائري. في كل مرة نزيد سرعة القذيفة سوف تبتعد ارتفاعا أكثر ثم تحاول العودة للأرض فلا تستطيع وإنما تقترب من نقطة مماسية تبتعد بعدها مرة أخرى لنفس الارتفاع ثم تعود مرة أخرى وهكذا دواليك. تسمى هذه الحالة الخاصة بمسار القطع الناقص وتتخذ فيه القذيفة مسارها بحيث تكون في أبعد نقطة لها عن الأرض وتعود مرة أخرى إلى أقرب نقطة من الأرض ولكن بعد نصف دورة. تكون الأرض دائما بمثابة أحد بؤرتي القطع الناقص. تسمى السرعة التي تدور بها الأجسام في مسار مغلق بالسرعة المدارية.
إذا فهمت هذه الجزئية يمكنك الان تطبيقها على الشمس وباقي كواكب المجموعة الشمية والتي تمثل القذائف التي نجحت في الإفلات من السطح وبقت في دوران قطع ناقص تكون الشمس أحد بؤرتيه.
حتى الان فهمنا أن القطع الناقص هو أفضل شيئ يمكن أن تستقر عليه الأجسام السيارة بشكل مغلق ولكننا لم نتحدث عن امكانية افلات هذه الأجسام تماما من مسار الدوران إلى التحرر من الجاذبية تماما. لو أننا زدنا سرعة القذيفة أكثر فأكثر سنصل لمرحلة تكون فيها الجاذبية غير قادرة على استرجاع الأجسام المنطلقة وذلك لأن طاقة حركتها أصبحت أعلى من طاقة الوضع اللازمة لإرجاع الجسم نحو مركز الجذب. تسمى هذه السرعة الحرجة بسرعة الإفلات وهي السرعة التي بعدها تتحول مسارات الأجسام السيارة إلى قطوعات زائدية أي مفتوحة ولا تعود لمسارها المغلق كما كان حال القطع الناقص.
بقى أخير أن نتحدث أن الشكل الإهليجي ليس شكل قطع ناقص تماما والسبب هو أن تأثير الكواكب الأخرى على بعضها البعض يشوه شكل المسار الذي افترض بأنه قطع ناقص. فنحن نعلم أن هناك أوقات تكون فيها بعض الكواكب مقتربة جدا من بعضها مايجعلها أقوى في التجاذب مع بعضها وفي أوقات أخرى تكون في أبعد مسافة بينها ما يجعل تأثير قوى الجذب بينها مهملة مقارنة بتأثير قوة جذب الشمس لها.
لقد تركت لك فلاشية تدريبية لمساعدتك على تخيل المسارات الصحيحة لاكمال دور إهليجي متكامل دون حدوث تصادم.
الإثنين يناير 28, 2013 9:56 am