[center]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين يارب واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين
يارب حمدا ليس غيرك يحمد ، يا من له كل الخلائق تصمد

اخواني الكرام اخواتي الكريمات
هناك الفاظ عندما تطرق سمع الانسانالعاقل ، يرتاح لها قلبه ، وينشرح لها وجدانه
ومن هذه الالفاظ لفظ العفة او العفاف ،بمعنى الصيانة ، والبعد عن كل ما لا يليق من الاقوال
والافعال وغيرهما .
يقال الرجل عفيف اي حابس نفسه على كل ما هو حلال وجميل
ومزهها عن كل ما هو حرام وقبيح .
ويقال امرأة عفيفه اي طاهرة نقيه تصون عرضها وشرفها عن كل شبهه او دنية .

وجاء في المعجم الوسيط " عف عفة وعفافا" اي كف عما لا يحل ولا يجمل من قول وفعل
فهو عفيف والجمع اعفة واعفاء
والعفة ترك الشهوات من كل شيء ، وغلب استعجال هذه اللفظ مما لا يحل ...
والعفيفه : المتصفة بالعفة والجمع عفائف

وقد مدح الله عز وجل في القرأن الذين يتحلون بخلق العفاف في مواطن متعددة
ومنها قوله تعالى : للفقراء الذين احصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الارض
يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس الحافا

اي : اجعلوا نفقتكم وصدقتكم ايها المؤمنون لهؤلاء الفقراء الذين حصروا انفسهم
ووفقوها على الطاعات وعلى الجهاد في سبيل الله والذين لا يستطيعون الكسب
بسبب مرضهم او شيخوختهم والذين من صفاتهم انهم اذا نظر اليهم الجاهل بأحوالهم
يظنهم اغنياء لشدة تعففهم عن سؤال غيرهم
ولكن صاحب الفراسة والنظرة الثاقبة السديدة بمجرد رؤيتهم يعرف انهم في حاجة
الى العون والمساعدة اذا انهم يطلبوا من احد سوى خالقهم العون والمساعدة

ففي هذه الأية مدح عظيم لأصحاب تلك النفوس العالية التي تعتز بكرامتها الانسانية
وتتعفف عن سؤال الناس حتى انهم ليظنهم من لا فراسة عنده اغنياء

وجاء الحديث عن فضيلة العفاف مرتين في سورة النور تلك السورة الزاخرة بالايات التي جاءت
بالأحكام تصون الأعراض والحرمات وتأمر بغض البصر واستقامة الجوارح
وأما المرة الأولى ففي قوله وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله

اي على المؤمنين والمؤمنات الذين لا يجدون الوسائل والأسباب التي توصلهم الى الزواج
بسبب ضيق ذات اليد او ما يشابه ذلك عليهم ان يتحصنوا بالعفاف وان يصونوا انفسهم من الفواحش
وان يستمروا على ذلك حتى يرزقهم الله تعالى من فضله رزقا يستعينون به على اتمام الزواج

فهذه الجمله الكريمة وعد الله تعالى التائقين الى الزواج العاجزين عن تكاليفه بأنه سبحانه سيرزقهم
من فضله رزقا طيبا حلالا يستعينون به على اتمام الزواج الذين يزيدهم عفة وحصانه

واما المرة الثانية فقد وردت في قوله
والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهم جناح ان يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينه
وان يستعففن خير لهن والله سميع عليم

والقواعد جمع قاعد بغير التاء لاختصاص هذه الكلمة بالنساء كحائض
وقالو سميت المرأة المتقدمة في السن بذلك لانها تكثر القعود لكبر سنها .

اي ومن شأن الزواج اللائي تقدمن في السن ولا رغبة لهن في الزواح انهن لا حرج عليهن
ان يتخففن من ملابسهن التي يؤدي التخفف منها الى اظهار شيء من جسدهن
امر الله بستره وعليهن ان يخفين ما امر الله تعلى بإخفائه من زينتهن

ومن الافضل لهن اي للنساء والأليق بهن ان يلزمن العفاف بأن يبقين ثيابهن
التي تمتاز بالإحتشام والوقار بدون خلع فلذلك اطهر لقلوبهن وابعد عن التهمة
وانفى لسوء الظن بهن .

وسمى الله تعالى ابقاء ثيابهن عليهن استعفافا اي طلبا للعفة للإشعار بأن الاحتشام والتستر خير للمرأة
حتى لو كانت من القواعد !! .

فهل رايت دعوة الى العفاف والطهارة احكم واوضح من هذه الدعوة الربانية !! .

ولقد اعطانا القرأن الكريم اروع صورة للعفة الجنسية في قصة يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز
حيث يقول الله عز وجل

وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الابواب وقالت هيت لك قال معاذ الله انه ربي احسن مثواي انه لا يفلح الظالمون

والمراودة هي المخادعة
وفي اللغة مفاعلة من راد يرود اي خدع ويخادع
اذا جاء وذهب المعنى وخادعته عن نفسه
اي فعلت معه ما يفعله المخادع لصاحبه عن الشيء الذي لا يريد عن يخرجه من يده .

والمعنى : وحاولت امرأة العزيز مرة تلو المرة اغراء يوسف عليه السلام الذي يعيش معهافي بيتها

ان يستجيب لهواها وان يلبي رغبتها وبلغ بها الحال الى ان غلقت ابواب بيت سكناها الذي تبيت به بابا بابا
ثم اضافت الى كل ذلك ان قالت له هيت لك اي ها انا مهيأة لك وهذه الدعوة
السافرة منها له تدل على ان تلك المرأة قد بلغت في النهاية في الكشف عن
رغبتها وخرجت عن المألوف من بنات جنسها فقد جرت العادة ان تكون المرأة
مطلوبة لا طالبة .

وقوله سبحانه معاذ الله انه ربي احسن مثواي بيان لما رد به يوسف عليه السلام
بعد ان تجاوزت في اثارته كل حد .

اي قال لها اعوذ بالله مما تطلبينه مني واعتصم به اعتصاما شديدا بما تحاولينه معي
فأن ما تطلبينه يتنافى مع الين والعفاف والشرف ولا يفعله الا من خبث منبته

ولقد اكرمني الله اعظم اكرام حيث نجاني من الجب واكرمني زوجك بالاحسان الي
فيجب علي ان اصون عرضه وشرفه وان كل من يرتكب ما نهى الله عنه يكون مصيره
الخسران .

وهكذا يكون الخالق عز وجل عباده المخلصين من كل ما يسوء ويؤذي ويشين .

والحمدلله رب العالمين ...