الحمد لله وكفي وصلاة وسلاما علي نبيه الذي اصطفي وبعد
يقول النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الطبراني في الأوسط والكبير من حديث محمد بن مسلمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لربكم في أيام دهر كم نفحات فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبدا "
ونحن في هذه الأيام العظيمة أيام تكثر فيها النفحات والبركات والخيرات أيام من أيام الله التي أحبها وباركها وخص ذكرها في القرآن فقال جل ذكره " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم".
ومعنى "عند الله" أي في حكم الله وفيما كتب في اللوح المحفوظ. وقوله تعالى: "يوم خلق السماوات والأرض" إنما قال "يوم خلق السماوات والأرض" ليبين أن قضاءه وقدره كان قبل ذلك، وفي الآية دليل علي أنه سبحانه وضع هذه الشهور وسماها بأسمائها على ما رتبها عليه يوم خلق السماوات والأرض، وأنزل ذلك على أنبيائه في كتبه المنزلة. وحكمها باق على ما كانت عليه لم يزلها عن ترتيبها تغيير المشركين لأسمائها، وتقديم المقدم في الاسم منها. والمقصود من ذلك اتباع أمر الله فيها ورفض ما كان عليه أهل الجاهلية من تأخير أسماء الشهور وتقديمها،. وأن الذي فعل أهل الجاهلية من جعل المحرم صفراً وصفر محرماً ليس يتغير به ما وصفه الله تعالى
ما هي الأشهر الحرم ؟؟
الأشهر الحرم هي " شوال ، ذي القعدة ، وذي الحجة ، ورجب مضر الذي بين جمادى و شعبان " وقيل له رجب مضر لأن ربيعة بني نزار كانوا يحرمون شهر رمضان ويسمونه رجب. وكانت مضر تحرم رجب نفسه، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: "الذي بين جمادى وشعبان" ورفع ما وقع في اسمه من الاختلال بالبيان
لماذا خص الله تعالي هذه الأشهر بالذكر في الآية دون غيرها ؟؟
خص الله تعالى الأربعة الأشهر الحرم بالذكر، ونهى عن الظلم فيها تشريفاً لها، وإن كان منهياً عنه في كل الزمان. كما قال: "فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج" على هذا أكثر أهل التأويل. أي لا تظلموا في الأربعة الأشهر أنفسكم وقد يتبادر إلي الذهن هذا السؤال : كيف جعل بعض الأزمنة أعظم حرمة من بعض ؟ يقول الإمام القرطبي ردا علي هذا السؤال : للبارئ تعالى أن يفعل ما يشاء. ويخص بالفضيلة ما يشاء، ليس لعلمه علة ولا عليه حجر، بل يفعل ما يريد بحكمته، وقد تظهر فيه الحكمة وقد تخفى .
مسائل مستنبطة من الآية ذكرها صاحب الجامع لأحكام القرآن .
المسألة الأولي : هذه الآية تدل على أن الواجب تعليق الأحكام من العبادات وغيرها وإنما يكون بالشهور والسنين التي تعرفها العرب، دون الشهور التي تعتبرها العجم والروم والقبط وإن لم تزد على اثني عشر شهراً، لأنها مختلفة الأعداد، منها ما يزيد على ثلاثين ومنها ما ينقص، وشهور العرب لا تزيد على ثلاثين وإن كان منها ما ينقص، والذي ينقص ليس يتعين له شهر، وإنما تفاوتها في النقصان والتمام على حسب اختلاف سير القمر في البروج .
المسألة الثانية : في قوله تعالي " فلا تظلموا فيهن أنفسكم " قولان أحدهما: لا تظلموا فيهن أنفسكم بالقتال،. الثاني- لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة، فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيئ كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح. فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام. ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال. وقد أشار تعالى إلى هذا بقوله تعالى: "يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين" [الأحزاب: 30]
ويتخلل هذه الشهور أياما عشر وهي العشر الأولي من شهر ذي الحجة المبارك ولقد أقسم الله تعالي بهذه العشر فقال جل ذكره " والفجر وليال عشر "
قال ابن كثير في التفسير : ـ والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف. وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس مرفوعا "ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام" يعني عشر ذي الحجة قالوا ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال "ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلا خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء" .وروي الإمام أحمد بسنده عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن العشر عشر الأضحى والوتر يوم عرفة والشفع يوم النحر"
وقال الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن في تفسير هذه الآية : ـ" وقال الضحاك: الفجر هو فجر أول يوم من ذي الحجة. لأن الله قرن الأيام به فقال :" وليال عشر" أي ليال عشر من ذي الحجة وقال مسروق: هي العشر التي ذكرها الله في قصة موسى عليه السلام " وأتممناها بعشر" وهي أفضل أيام السنة . "
ذكر روايات حديث فضل عشر ذي الحجة من كتب السنة
من سنن الترمذي باب ما جاء في العمل في الأيام العشر ذكر حديث عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر فقالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء " وذكر رواية أخري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر " وهذه الرواية ضعفها علماء الحديث
وفي مسند أبي يعلي من حديث جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة قال فقال رجل يا رسول الله هن أفضل من عدتهن جهادا في سبيل الله قال هن أفضل من عدتهن جهاد في سبيل الله وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي شعثا غبرا ضاحين جاءوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم ير يوما أكثر عتيقا من النار من في يوم عرفة "
وفي سنن أبي داود من حديث بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك
وفي سنن ابن ماجة من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أيام الدنيا أيام أحب إلى الله سبحانه أن يتعبد له فيها من أيام العشر وإن صيام يوم فيها ليعدل صيام سنة وليلة فيها بليلة القدر "
حديث في فضل الجهاد
وفي من مسند أحمد من حديث بن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة في سرية فوافق ذلك يوم الجمعة قال فقدم أصحابه وقال أتخلف فأصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ألحقه قال فلما رآه صلى الله عليه وسلم قال ما منعك أن تغدو مع أصحابك قال فقال أردت أن أصلي معك الجمعة ثم ألحقهم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أنفقت ما في الأرض ما أدركت غدوتهم " ومن حديث سعيد بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام يعني أيام العشر قال قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلا خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك "
وقال ابن حجر في كتابه فتح الباري علي شرح صحيح البخاري وهو يشرح هذا الحديث معللا ذكر هذا الحديث تحت باب بعنوان فضل أيام التشريق وردا علي من توهم أن المراد بالأيام أيام التشريق فقال ( الكلام منقول عنه بتصرف شديد ) " قوله ما العمل في أيام أفضل منها " وقال ابن أبي جمرة الحديث دال على أن العمل في أيام التشريق أفضل من العمل في غيره قال ولا يعكر على ذلك كونها أيام عيد كما تقدم من حديث عائشة ولا ما صح من قوله عليه الصلاة والسلام أنها أيام أكل وشرب كما رواه مسلم لأن ذلك لا يمنع العمل فيها بل قد شرع فيها أعلى العبادات وهو ذكر الله تعالى ولم يمنع فيها منها إلا الصيام قال وسر كون العبادة فيها أفضل من غيرها أن العبادة في روينا الغفلة فاضلة على غيرها وأيام التشريق أيام غفلة في الغالب فصار للعابد فيها مزيد فضل على العابد في غيرها كمن قام في جوف الليل وأكثر الناس نيام وفي أفضلية أيام التشريق نكتة أخرى وهي أنها وقعت فيها محنة الخليل بولده ثم من عليه بالفداء فثبت لها الفضل بذلك وهو توجيه حسن إلا أن المنقول يعارضه .
والمراد بالأيام في حديث الباب أيام عشر ذي الحجة لكنه مشكل على ترجمة البخاري بأيام التشريق ويجاب بأجوبة : ـ
أحدها ـ أن الشيء يشرف بمجاورته للشيء الشريف وأيام التشريق تقع تلو أيام العشر وقد ثبتت الفضيلة لأيام العشر بهذا الحديث فثبتت بذلك الفضيلة لأيام التشريق
ثانيها ـ أن عشر ذي الحجة إنما شرف لوقوع أعمال الحج فيه وبقيه أعمال الحج تقع في أيام التشريق كالرمى والطواف وغير ذلك من تتمانه فصارت مشتركة معها في أصل الفضل ولذلك اشتركت معها في مشروعية التكبير في كل منها وبهذا تظهر مناسبة إيراد الآثار المذكورة في صدر الترجمة لحديث بن عباس كما تقدمت الإشارة إليها ثالثها ـ أن بعض أيام التشريق هو بعض أيام العشر وهو يوم العيد وكما أنه خاتمة أيام العشر فهو مفتتح أيام التشريق فمهما ثبت لأيام العشر من الفضل شاركتها فيها أيام التشريق لأن يوم العيد بعض كل منها بل هو رأس كل منها وشريفه وعظيمه وهو يوم الحج .
قوله " قالوا ولا الجهاد " في رواية حتى أعادها ثلاثا ودل سؤالهم هذا على تقرر أفضلية الجهاد عندهم وكأنهم استفادوه من قوله صلى الله عليه وسلم في جواب من سأله عن عمل يعدل الجهاد فقال لا أجده .......... الحديث
ما يستفاد من الحديث : ـ
· تعظيم قدر الجهاد وتفاوت درجاته وأن الغاية القصوى فيه بذلك بذل النفس لله
· وفيه تفضيل بعض الأزمنة على بعض كالأمكنة
· وفضل أيام عشر ذي الحجة على غيرها من أيام السنة وتظهر فائدة ذلك فيمن نذر الصيام أو علق عملا من الأعمال بأفضل الأيام فلو أفرد يوما منها تعين يوم عرفة لأنه على الصحيح أفضل أيام العشر المذكور فإن أراد أفضل أيام الأسبوع تعين يوم الجمعة جمعا بين حديث الباب وبين حديث أبي هريرة مرفوعا خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة رواه مسلم أشار إلى ذلك كله النووي في شرحه
هل هذه الأيام خير من يوم الجمعة ؟؟؟؟؟؟؟
المراد أن كل يوم من أيام العشر أفضل من غيره من أيام السنة سواء كان يوم الجمعة أم لا ويوم الجمعة فيه أفضل في غيره لاجتماع الفضلين فيه
حكم الصوم يوم العيد وأيام التشريق ............
وثبت تحريم صومها وورد فيه إباحة اللهو بالحراب ونحو ذلك فدل على تفريغها لذلك مع الحض على الذكر المشروع منه فيها التكبير
هل صام النبي صلي الله عليه وسلم عشر ذي الحجة ؟؟؟
روي أبو داود وغيره عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما العشر قط " والجواب أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يصم هذه العشر لاحتمال أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته كما رواه الصحيحان من حديث عائشة أيضا وقد قال الإمام النووي في شرح مسلم " باب صوم عشر ذى الحجة فيه قول عائشة " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط " وفي رواية " لم يصم العشر " قال العلماء هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذى الحجة قالوا وهذا مما يتأول فليس في صوم هذه التسعة كراهة بل هي مستحبة استحبابا شديدا لاسيما التاسع منها وهو يوم عرفة وقد سبقت الأحاديث في فضله وثبت في صحيح البخارى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل منه في هذه يعنى العشر الأوائل من ذى الحجة فيتأول قولها لم يصم العشر أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما أو أنها لم تره صائما فيه ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذى الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر ويومي الاثنين والخميس من كل أسبوع ورواه أبو داود وهذا لفظه وأحمد والنسائى
وجاء في شرح سنن ابن ماجة " لأنها إنما أخبرت عن عدم رؤيتها فلعلها لم تطلع على صيام النبي صلى الله عليه وسلم فيها أو كان له مانع من مرض أو سفر أو غيرهما "
ما هو سبب امتياز هذه العشر علي غيرها من الأيام ؟؟؟؟؟
والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع العالمين العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره .
هل يختص الفضل بالحاج أو يعم المقيم ؟؟؟؟؟
فيه احتمال وقال بن بطال وغيره المراد ومعناه في أيام التشريق التكبير فقط لأنه ثبت أنها أيام أكل وشرب وذكر لله تعالي وأما المناسك فمختصة بالحاج
باب الجهاد من صحيح البخاري
باب فضل الجهاد والسير وقول الله تعالى إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به إلى قوله وبشر المؤمنين " قال بن عباس الحدود الطاعة
الحديث الأول في الباب حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله أي العمل أفضل قال الصلاة على ميقاتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله فسكت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو استزدته لزادني
الشرح من الفتح
حديث بن مسعود أي العمل أفضل فالذي يظهر أن تقديم الصلاة على الجهاد والبر لكونها لازمة للمكلف في كل أحيانه وتقديم البر على الجهاد لتوقفه على إذن الأبوين وقال الطبري إنما خص النبي صلى الله عليه وسلم هذه الثلاثة بالذكر لأنها عنوان على ما سواها من الطاعات فإن من ضيع الصلاة المفروضة حتى يخرج وقتها عذر مع خفة مؤنتها عليه وعظيم فضلها فهو لما سواها أضيع ومن لم يبر والديه مع وفور حقهما عليه كان لغيرهما أقل برا ومن ترك جهاد الكفار مع شدة عداوتهم للدين كان لجهاد غيرهم من الفساق أترك فظهر أن الثلاثة تجتمع في أن من حافظ عليها كان لما سواها أحفظ ومن ضيعها كان لما سواها أضيع
الحديث الثاني حديث بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا
الحديث الثالث حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله ترى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد قال لكن أفضل الجهاد حج مبرور
الحديث الرابع حديث أبو هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال دلني على عمل يعدل الجهاد قال لا أجده قال هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر قال ومن يستطيع ذلك قال أبو هريرة إن فرس المجاهد ليستن في طوله فيكتب له حسنات
الحديث الخامس حديث أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال قيل يا رسول الله أي الناس أفضل فقال رسول الله مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله قالوا ثم من قال مؤمن في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره "
من الفتح باب الجهاد
سبب نزول قوله تعالي " إن الله اشتري من المؤمنين " قال عبد الله بن رواحة يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت فقال اشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم قالوا فما لنا إذا فعلنا ذلك قال الجنة قالوا ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل فنزل إن الله اشترى الآية وكان ذلك في بيعة العقبة
الثالث حديث عائشة جهادكن الحج وقد تقدم شرحه في كتاب الحج ووجه دخوله في هذا الباب من تقريره صلى الله عليه وسلم لقولها نرى الجهاد أفضل الأعمال
الرابع قوله " قال لا أستطيع ذلك " وهذه فضيلة ظاهرة للمجاهد في سبيل الله تقتضي أن لا يعدل الجهاد شيء من الأعمال وأما ما تقدم في كتاب العيدين من حديث بن عباس مرفوعا ما العمل في أيام أفضل منه في هذه يعني أيام العشر قالوا ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد وأشد مما تقدم في الإشكال ما أخرجه الترمذي وابن ماجة وأحمد وصححه الحاكم من حديث أبي الدرداء مرفوعا ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا بلى قال ذكر الله " فإنه ظاهر في أن الذكر بمجرده أفضل من أبلغ ما يقع للمجاهد وأفضل من الإنفاق مع ما في الجهاد والنفقة من النفع المتعدي
قال العلماء أن الفضائل لاتدرك بالقياس وإنما هي إحسان من الله تعالى لمن شاء واستدل به على أن الجهاد أفضل الأعمال مطلقا لما تقدم تقريره وقال بن دقيق العيد القياس يقتضي أن يكون الجهاد أفضل الأعمال التي هي وسائل لأن الجهاد وسيلة إلى إعلان الدين ونشره وإخماد الكفر ودحضه ففضيلته بحسب فضيلة ذلك والله أعلم