الأطباء المتخصصون عملة نادرة في العراقبقلم رويترز في يوم السبت ,08 ديسمبر 2007
يقول أبو سمير أخصائي الأذن والأنف والحنجرة أنه لم يتبق له سوى زميل واحد يتصل به بعد موجة نزوح جردت العراق من نحو 70 بالمائة من أمهر أطبائه.
وقال الطبيب (66 عاما) الذي طلب عدم نشر اسمه كاملا "دفتر أرقام الهاتف الخاص بي أصبح خاليا. من بين 50 رقما لم أجد سوى اسم واحد من الأطباء المتخصصين الذي أعرفهم."
وفر الأطباء المتخصصون بأعداد كبيرة من بغداد ومدن أخرى منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأطاح بحكم الرئيس صدام حسين أغلبهم سافر للخارج أو انتقل إلى اقليم كردستان الأمن نسبيا.
وأصبح الأطباء المتخصصون الذين كانوا ذات يوم من علية القوم في بغداد هدفا للمسلحين والمتشددين والخاطفين الساعين لفدية كبيرة.
ويقول ناظم عبد الحميد قاسم نقيب الأطباء العراقيين أن ما بين 60 و70 بالمائة من 2326 طبيبا متخصصا تتراوح خبرتهم بين 15 و20 عاما غادروا العراق. وأضاف انه من بين كبار المستشارين الذين تزيد خبراتهم عن ذلك غادر البلاد نحو 80 بالمائة. وأضاف أنهم فعلا أعمدة النظام الصحي في العراق ومن حلوا محلهم من حديثي التخرج لا يمكن الوثوق بهم.
وحتى في عهد صدام عندما كان الأطباء في المستشفيات الحكومية يتقاضون رواتب بسيطة كان المتخصصون يكسبون جيدا من العيادات الخاصة. وفي ثمانينات وتسعينات القرن الماضي كان المرضى من كردستان العراق يأتون إلى بغداد للعلاج على أيدي احد كبار المتخصصين في العاصمة. والآن انقلب الوضع وأصبح أهالي بغداد ينضمون لغيرهم من العراقيين من مدن مضطربة في التوافد على كردستان أو السفر للخارج بحثا عن العلاج في أمان وراحة.
ومن الخيارات القليلة المتبقية البقاء دون علاج أو محاولة البحث عن طبيب بالمؤهلات المطلوبة من بين المتبقين في البلاد. وقال قاسم متأثرا وهو يجلس خلف مكتبه الكبير في مبنى النقابة أن إدارة مجلس أطباء العيون مغلقة الآن بسبب عدم وجود أساتذة.
وقال أبو فرح طبيب العيون بمستشفى ابن الهيثم للعيون أن المتخصصين حديثي التخرج لا يمكنهم شغل الفراغ الذي تركه الأطباء الكبار الأكثر خبرة. ومن بين 25 متخصصا بالمستشفى قبل 2003 لم يتبق سوي اثنين أو ثلاثة.
وقال أبو فرح أن خروج الأطباء المتخصصين تباطأ في الفترة الأخيرة لأن أغلبهم غادروا بين عامي 2004 و2005.
وقال أبو فرح الذي طلب كذلك عدم نشر اسمه بالكامل "لا يوجد من يحل محلهم. العديد من المستشفيات تعاني من الافتقار للمتخصصين." وتابع "الكوادر الجديدة هي التي تدير المستشفيات حاليا. لديهم شهادات جيدة لكن تنقصهم الخبرة التي تلعب دورا كبيرا في تشخيص الأمراض واتخاذ قرارات مهمة تتعلق بصحة المريض."
وعندما تظهر فرصة عمل جيدة في الخارج لا يتردد الأطباء الكبار الذي واجهوا مخاطر الخطف وما هو أسوأ وعانوا من تداعي الخدمات العامة وانخفاض الأجور.
وسافرت أم نبيل (55 عاما) من مدينة كربلاء الشيعية جنوبي بغداد إلى عمان الشهر الماضي بحثا عن رعاية طبية بعدما لم تتمكن من العثور على طبيب أمراض نساء مناسب في بغداد.
وقالت "كنت أتردد على طبيب في بغداد لكنه ذهب. ذهبت إلى عدد من الأطباء بعد ذلك ولكن كلما انتظمت على زيارة أحدهم أسمع انه رحل."
كما أن البحث عن متخصص جيد أمر محفوف بالمخاطر. فرغم تراجع أعمال العنف بدرجة كبيرة في الشهرين أو الأشهر الثلاثة الماضية إلا أن مخاطر الهجمات ظلت قائمة. وقتل 15 شخصا يوم الأربعاء الماضي في انفجار سيارة ملغومة في حي الكرادة المزدحم في وسط بغداد.
وتعاني أم عقيل (56 عاما) وهي مهندسة متقاعدة من التهاب مزمن في المفاصل واستشارت ممارسا عاما بعد أن ذهبت إلى شارع المغرب في جنوب بغداد الذي كان ذات يوم مزدحما بكبار المتخصصين لتجده شبه مهجور. وقالت "إذا احتجت لطبيب متخصص فيجب أن تبحث كثيرا." وأضافت "الأمر صعب علي لذلك وجدت أن من الأسهل الذهاب لطبيب قريب. أعرف انه ليس متخصصا لكنه أفضل من لاشيء."
وقال قاسم أنه يفضل أن يبقى الأطباء في الخارج عن أن يعودوا للبلاد ويعرضوا حياتهم للخطر. وقال أن خمسة من أصدقائه قتلوا. وأضاف أن من المهم للعراق أن يبقي على سلامتهم فقد يعودون في المستقبل.
خطوات بسيطة أثرها كبير على الصحة
بقلم رويترز في يوم الأحد ,09 ديسمبر 2007
قال باحثون دوليون أن الجهود التي تهدف إلى التقليل من تناول الملح ومكافحة التدخين وضمان تعاطي المعرضين لخطر الإصابة بمرض القلب الأدوية اللازمة يمكن أن يمنع وقوع ملايين الوفيات كل عام.
وذكر باحثون من منظمة الصحة العالمية وآخرون في تقرير خاص نشر في دورية (لانسيت) الطبية يوم الثلاثاء أن مثل هذه الخطوات البسيطة تكلف القليل لكنها توفر مليارات الدولارات التي تضيع بسبب تأثر الإنتاجية وتكاليف الرعاية الصحية.
ودرس الباحثون في جهود الوقاية في 23 دولة من ذات الدخول المنخفضة والمتوسطة من بينها الصين والهند وروسيا والبرازيل وتركيا والمكسيك وباكستان وجنوب إفريقيا وبولندا ونيجيريا وهي دول تشهد 80 في المائة من الوفيات التي تسببها الأمراض المزمنة مثل القلب والسرطان والسكري على مستوى العالم.
وقال الدكتور برويز اساريا من مؤسسة (كينجز فاند لندن) أن تقليل تناول الملح بنسبة 15 في المائة وتطبيق تدابير لمكافحة التدخين مثل زيادة الضرائب ومنع التدخين في أماكن العمل وتنمية الوعي العام ستمنع وقوع نحو 14 مليون وفاة خلال عشر سنوات بتكلفة تقل عن 40 سنتا للشخص في الدول ذات الدخول المنخفضة والمتوسطة. وذكر الباحثون أن التكلفة قد تتراوح من 50 سنتا إلى دولار للشخص في الدول ذات الدخول المرتفعة.
والإكثار من تناول الملح قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم الذي قد يزيد خطر الإصابة بالجلطات والأزمات القلبية. وتوصي منظمة الصحة العالمية بألا يزيد مقدار استهلاك الملح عن خمسة جرامات يومياً. وذكر اساريا وزملاؤه أنه يمكن تقليل استهلاك الملح عن طريق خفض نسبة الملح في الأغذية المصنعة وتنظيم حملة إعلامية لتشجيع الناس على تناول قدر أقل من الملح.
وقال الباحثون "نتائجنا تظهر أنه في خلال عشرة أعوام يمكن تجنب وقوع 13.8 مليون حالة وفاة إذا نفذت التدابير المختارة لتقليل استخدام الملح والتبغ."
ومعظم الوفيات التي سيمكن تجنبها وتمثل 76 في المائة تقريبا سببها مرض القلب تليها نسبة 15 في المائة سببها أمراض الجهاز التنفسي وحوالي 9 بالمائة بسبب السرطان.
وفي دراسة أخرى قال ستيفن ليم من جامعة واشنطن في سياتل وزملاؤه أن الجهود التي تهدف إلى علاج المعرضين بشدة لخطر الإصابة بمرض القلب في الدول ذات الدخول المنخفضة والمتوسطة يمكن أن تحول دون وقوع حوالي 18 مليون وفاة خلال عشرة أعوام.
وعرض الباحثون أثر إعطاء بعض المعرضين بشدة لخطر الإصابة بمرض القلب قدرا معينا من الأسبرين وحبتين من حبوب ضغط الدم المعروفة وعقارا لخفض نسبة الكوليسترول. وتتكلف هذه المجموعة 47 مليار دولار على مدى عشر سنوات أي ما متوسطه 1.08 دولار للشخص سنوياً.
وقال الدكتور كولين ماذرز أن أمراض القلب والجلطات والسكري في الدول الثلاث والعشرين التي شملتها الدراسة ستتسبب في خسارة 84 مليار دولار من الناتج الاقتصادي بين عامي 2006 و2015.
وأضاف "العبء المتزايد الناجم عن الأمراض المزمنة سيكون شديدا بصورة خاصة في الدول ذات الدخول المنخفضة والمتوسطة وهي الأقل قدرة على تحمل انتكاسة في التنمية لأسباب صحية."