كيف تدعو غير المسلمين إلى الإسلام؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعوة إلى الله تعالى فرض على كل مسلم حسب وسعه واستطاعته على الراجح من أقوال أهل العلم، لقول الله تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف:108].
فكل من اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله تعالى.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليبلغ الشاهد منكم الغائب..
رواه البخاري ومسلم.
وأما وسائل الدعوة وأساليبها فتختلف باختلاف الدعاة والمدعوين والزمان والمكان والحال، ولكنها ـ على العموم- يجب أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن.
والداعية يجب عليه أن يتخذ من الوسائل .. ما يؤدي به رسالته "فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، ومن ذلك كيفية مخاطبة المدعوين, وقد أرشدنا الله إلى الأسلوب الأمثل لذلك، فقال تعالى في شأن أهل الكتاب (اليهود والنصارى): وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [العنكبوت:46].
فهذا أسلوب القرآن يذكر نقاط الاتفاق مع المدعوين أولاً، ثم بعد ذلك يناقش معهم نقاط الاختلاف بأسلوب أدبي رفيع، فيقول الله تعالى مخاطبا للنصارى الذين ألَّهو عيسى ابن مريم وأمه وجعلوه ابناص لله .. -تعالى عما يقولون علو كبيراـ يقول: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَه [النساء:171].
ويقول في شأن معجزة خلق عيسى عليه السلام: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُون [آل عمران:59].
إلى آخر النماذج الكثيرة التي وردت في كيفية دعوة أهل الكتاب
أما إذا كان المدعوون وثنيين أو لا دين لهم فإن على الداعية أن يبين لهم بالحجج العقلية البسيطة أن الله تعالى هو الخالق لهم ولهذا الكون من حولهم .. وهو خالق الطبيعة وأن الطبيعة مخلوقه ولا تستطيع خلق شيء لهم, وأن آباءهم وأمهاتهم لم يخلقوهم ولم يستطيعو خلق أي شيء, وهذه الأمور من المسلمات البديهة عند أكثر الناس .. فعلى الداعية أن يبني عليها، وأن يوجه المدعو بعد ذلك وينبهه إلى تكريم الله تعالى للإنسان وأنه إنما خلقه لعبادته وحده لاشريك له، وفي مقابل ذلك جعل كثيرا من مخلوقاته في خدمته، فقال تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً [البقرة:29].
وقال تعالى: وسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الجاثـية:13].
وهكذا يتدرج الداعية بالمدعو شيئاً فشيئاً حتى يقتنع في داخل نفسه بهذا الدين، هذا بالنسبة للداعية الذي يملك قدرا من الاستدلال والنظر..
أما بقية المسلمين وعامتهم فإن دعوتهم تكون حسب الوسع والاستطاعة.
وأقل ذلك الدعوة بالأخلاق الحسنة والسلوك المستقيم .. الذي يسميه بعضهم بالدعوة الصامتة.
والله أعلم.