بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فإن ثقة المؤمن في نفسه ثمرة لثقته بربه تبارك وتعالى، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يغرس الثقة في نفوس أصحابه، فكان يبشرهم بالنصر حتى في أحلك الظروف كما فعل يوم الخندق حيث ضرب الصخرة العصية فأضاءت فبشرهم بالقصور والتيجان عند فارس والروم، فقال أهل النفاق: {ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً}، وأما أهل الإيمان فقد وثقوا في ربهم وأيقنوا بصدق كلام نبيهم، وتكلم عليه صلاة الله وسلامه بكلامه الواثق حين بشر سراقة بسواري كسرى، وأعلن ثقته في ربه حين قال للصديق (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) وهذا منهج الأنبياء، وقد قال الله عن نبيه موسى لما قال أتباعه إنا لمدركون – قال نبي الله موسى الواثق من تأييده ومعيته :{كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}.
ولا شك أن الواثق من ربه منصور مؤيد، والمتكبر المعجب المغرور مخذول، ومن هنا يتبين لنا أن ثقة المؤمن في نفسه نابعة من إيمانه بريه وتصديقه بوعده ووعيده، وأرجو أن يعلم الجميع أن كلمة الثقة بالنفس مجردة هكذا لا تخلو من تجاوز فإن النفس ضعيفة وهي مع ذلك متهمة إلا إذا هذبها بمعاني التوحيد والتوكل والاستعانة بالله، بل إن المؤمن يردد في دعائه: ( ولا تكلني إلى نفسي ولا لأحد من خلقك طرفة عين ) لأن الإنسان إذا وكل إلى نفسه هلك، وإذا اعتمد على غير الله خذل من حيث أراد النصر، ومن استعاذ بالله فقد أعيذ بمعاذ.
ومن هنا تتجلى لنا معاني الغفلة عند من يجلس وحده ويردد أنا واثق أنا قادر، أما المؤمن فإنه يكون في أشد حالات القوة حين ينكسر لله وقد أحسن من قال:-
مالي سوى فقري إليك وسيلة ** وبالافتقار إليك فقري أرفع
والمؤمن يشكو إلى الله ضعف قوته، ويردد اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين.
ومن هنا يتضح لنا أن ثقة المسلم بنفسه نابعة من ثقته بربه الذي أمره أن يأخذ الكتاب بقوة وأن يبتعد عن سفاسف الأمور، والواثق بالله منصور والمتكبر واهم مخذول وضعيف مهزوم لأن المتكبر فيه مركب نقص هو الذي دفعه للتكبر على الآخرين واحتقارهم لكنهم يقابلوه بنفس النظرة فيحقرونه.
والثقة في النفس لا علاقة لها بالمال ولا بالأشكال لأنها نابعة من قوة الكبير المتعال فقد يكون الإنسان واثق من نفسه كحال ريعي بن عامر في ثيابه الممزقة يوم هدد كسرى، فقال كسرى وقد لاموه، ويحكم إني أرى ثمن الثياب الممزقة عزة ما رأيت مثلها في حياتي.
مأخوذ من موقع الإستشارات