بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهـ
التخلص من الكآبة
الكآبة ، ليست في حقيقتها مرضاً عضوياً ، إلا في حالات نادرة ، ولكنها مرض نفسي يمكن علاجه ، والتخلص منه ، اذا احسنّا التصرف مع انفسنا . . وقررنا مساعدة الذات .
ولكن قبل التحدّث عن الإقتراحات التي تساعد على التخلص من الكآبة . لابدّ من الاشارة الى مقدار الخطورة التي تكمن فيها . . ان البعض يظن ان المرض الخطير هو المرض العضوي الذي يؤدي الى الموت ، او شلل عضو معين ، أما ما يرتبط بالروح ، والنفس فليس خطيراً لانه غير ظاهر بينما يؤكد الخبراء على ان امراض النفس اكثر خطورة من امراض الجسد ، فالكآبة مثلاً تحوّل معيشة الشخص الى جحيم لا يطاق . .
كما إنها يمكن ان تدمر حياته ايضا والمشكلة في الكآبة إنها حينما تصيب شخصاً فهي تؤدي الى انشغاله أقربائه بمرضه . مما يسبب لهم ايضاً موجات من الكآبة . .
وبالرغم من أن التغيرات الاجتماعية الهائلة التي حصلت في السنوات العشرين الفائتة ، كالتحوّل في ادوار النساء والرجال وتدفق النساء الى العمل وشيوع الانتقال الجغرافي الذي يباعد بين الناس ويحرمهم حنان عائلاتهم
(2)
وتشجيع اصدقائهم ، هي من الاسباب الرئيسية في انتشار موجات الكآبة . إلا أن من الممكن التغلب على الأثار السلبية لمثل هذه التغييرات ، ومنعها من أن تدمر حياة الانسان .
والسؤال هو كيف ؟
ان الامر قبل كل شيء يتطلب رؤية سليمة للحياة والتزاماً بالقيم والمثل . فالايمان يعالج كل المشاكل النفسية ، ويقي من التخبط في الحياة . .
ولذلك جاء في قوله تعالى : « ألا بذكر الله تطمئنُ القلوب » واي شيء مثل الاطمئنان يمكنه ان يجعل الحياة مشرقة ؟
واليك فيما يلي الاقتراحات العملية . .
أولاً ـ عندما تعتريك الكآبة تحرّك في عمل ما ، ذلك ان الجمود يغذّي الكآبة بينما الحركة تزيلها . .
ان النصيحة التي يجب اسراؤها للذين يعانون من الكآبة ، او من هم في مجال التعرّض لها هو قوموا بعمل بناء . .
فكلما تكاسلتم زادت رغبتكم في الكسل . ولمحاربة الجمود ينصح ( برتر بتدوين ) برنامج عمل يومي من الصباح الى المساء . دونوا كل شيء بما فيه اوقات الاستحمام ووجبات الطعام .
(3)
لانكم اذا كنتم تعانون الكآبة حقاً فستبدو المهمات الصغيرة كبيرة في نظركم .
جزّئوا النشاطات المعقدة الى خطوات صغيرة منفصلة ، فتبدوا لكم اكثر قابلية للحل . .
واذا تبين لكم ان تحضير برنامج اليوم مشروع مستحيل ، تشجعوا بنظرية ( الدكتور برتر ) التي تقرّ بوجوب تقدم الحركة على الحافز أحياناً . وهذا يعني أن عليكم الأ تتوقعوا الشعور بدافع الحركة لكي تتحركوا . لانكم اذا بقيتم فريسة الكآبة فلن تشعروا أبداً بدافع الى الحركة . وعوضاً عن ذلك عليكم ان تعدوا العدة وتخطوا الخطوة الاولى وان كنتم في حال نفسية غير ملائمة .
ثانياً ـ تجنب المواد الضارة .
ان احد تحديدات القلق والاحباط هو فقد السيطرة على الذات . وهذا يفسر لجؤ الناس الى النيكوتين والكحول والكافيين والعقاقير . . وهذه المواد الاصطناعية « تعين » بعضهم على استعادة بعض السيطرة . ولكن يجدر بك معرفة الآتي :
التدخين : احذره كلياً . وافضل ما تفعله من أجل
(4)
صحتك هو قطع التدخين اذا كنت من المدخنين .
القهوة : الكثير من الكافيين يجعلك شديد العصبية والاثارة ويولد لديك الصداع .
العقاقير والمخدرات : لا تأخذها الا بناء على وصفة طبية . والمواد الكيميائية التي تدخلها جسمك تولد لديك وهماً بالسيطرة على نفسك . في حين أن الأمر ليس كذلك . والسيطرة الحقيقية تأتي بالجهد الذي نبذله ، لا بالهروب .
ثـالثـاً ـ توسل بالعطاء ، حبّ الآخرين من افضل الوسائل للتوصل الى صحة افضل . ومن شأن العمل الطوعي والخدمة الاجتماعية وغيرها من التصرفات الودية ـ كالتبضع لأحد العجزة مثلا ـ ان تعطي نتائج علاجية .
يقول الطبيب الذي يشرف على متطوعين في مدينة نيويورك « تجد أنك تملك الحنو والتفهم ، فتقول لنفسك : استطيع ان افعل شيئاً ، فانا لست نكرة » . والى ذلك فان الوحدة والابتعاد عن الناس سبب رئيس للكآبة .
رابعـاً ـ مارس التمرين الرياضي بانتظام .
حاول تمرين جسمك ثلاث مرات على الاقل في الاسبوع
(5)
لمدة عشرين دقيقة كل مرة . واحرص على ايصال دقات قلبك الى 75 في المائة من طاقتها القصوى . ولمعرفة الحدّ الاقصى اطرح سنك الفعلية من الرقم 225 . إذا كنت في الأربعين ، فهذا يعني أن الحد الأقصى لديك هو 185 ضربة . ونسبة الـ 75 في المائة من هذا الرقم هي 129 ، ولكن استشر طبيبك قبل الاقدام على التمرين المذكور ، ثم أنجزه تدريجياً .
يعتقد العلماء ان التمارين الحيهوائية ( ايروبيك ) كالمشي والجري والسباحة وركوب الدراجة . تعزّز الثقة بالنفس وتزيد الاحساس بالعافية وتقوي العزيمة . وهي اذ تساعد المرء على الاسترخاء تخفف من التوتر الذي يساهم في الكآبة .
تقول امرأة متزوجة وأم لطفلين ، تمارس رياضة الجري بانتظام لتجارب الكآبة « أذا ركضت فأني اشعر بتحسّن لمجرّد أنيّ أنجز أمراً ما ومهما يكن بؤسي كبيراً قبل الجري فإنه يزول بعده وأشعر بالتحسن .
خـامساً : اجعل الفرح جزءاً من حياتك .
ان كثيراً من الاشخاص المصابين بالكآبة يتخلون عن التسليات التي تمنحهم متعة مما يزيد الامور تعقيداً .
لتغيير نمط حياتكم ضمّنوا برنامجكم اليومي نشاطات مبرمجة
(6)
رگزّوها على التفاعل الاجتماعي وخصوصاً اللقاءات مع الاصدقاء والمشاريع التي تشعركم بكفاياتكم ـ كأن تبرعوا في مهارة جديدة واحداث ممتعة تتناول الطعام خارجاً او الذهاب الى المحافل الدينية والاجتماعية وحاول الابتسام ايضاً .
فقد اظهرت الدراسات الواسعة ان تصرّفنا يقولب عواطفنا ان كنتم تشعرون بالقنوط فلا تجروا أرجلكم بل سيرو بنشاط . لا تجلسوا مترهلين ، بل منتصبين ، لا تعبسوا بل ابتسموا فالمحاولة وحدها قد تنقلكم الى مزاج جيد ذلك أن التعابير والاوضاع والحركات التي تنم عن الفرح تشعركم بالسعادة .
سـادسـا ـ اهتم بالنظام الغذائي .
احتفظ بوزن طبيعي ، ولا تجعل الشحم الذي تتناوله يتجاوز 30 في المائة من الوحدات الحرارية الغذائية . وتناول ما امكن ، الحبوب والخبز عوض الشحم والمواد السكرية . ولكن معتدلاً في تناول الملح . ولا تنسى أن تاكل فطوراً حقيقياً .
سـابعـاً ـ تعرّض للنور .
في الحديث الشريف « لا اسراف في الضياء » فالنور الجيد يزيد النفس اشراقاً . .
(7)
وقد اظهرت الابحاث ان التعرض للضوء سواء أكان من الشمس أم من وسائل اصطناعية ، يساعد في الشفاء من الكآبة الموسمية التي تصيب قلة من الناس ، وكشف اختصاصيون أن أجهزة ضوئية ساطحة خاصة قد تكون مفيدة . ولكنها يجب ان تستعمل في اعتدال .
ويمكنكم ان تدخلوا مزيد من الضوء الى منزلكم باحلال جوّ اكثر اشراقاً داخله . وباختياركم نشاطاً خارجياً تمارسونه خلال النهار ، كالمشي أو الجري ، تحصلون على ضوء طبيعي خلال فترة معينة يومياً .
كانت هنالك امرأة ، وهي كاتبة ناجحة حرصت على سكنى الاماكن المشرقة . وذات شتاء اضطرت الى العمل في منطقة غائمة كالحة على الدوام . فطغى عليها الكسل ولم تستطع انجاز مشروع كتاب . وكانت تعاني اضطراباً عاطفياً موسمياً هو كآبة ناتجة من حساسية تجاه الضوء يتزامن فيها هبوط المزاج مع اشهر الشتاء المظلمة .
وعندما زادت هي النور في بيتها ومحل عملها تغير حالها الى الافضل .
ثـامنـاً ـ احصل على قسطك من الراحة
(8)
وافضل طريقة لتجنب الارهاق تتم عبر تجديد طاقتك واذا كنت من اولئك المدمنين على العمل . فإنك تعرض نفسك للخطر مالم تلجأ الى الراحة الضرورية .