القواعد الذهبية لحفظ القرآن الكريم:
إذا علم المسلم فضل حفظ القرآن الكريم, وما أعده الله تعالى من الجوائز لأهله, وأراد أن ينضم إلى قافلة حفاظه, يجب عليه أن يلتزم بهذه القواعد التي تساعده حتى يكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته:
القاعدة الأولى: "عليك بالإخلاص"
لأن كل جهد تبذله, أو تعب تتعبه, لن ينفعك بدون الإخلاص, ومهما عظم هذا الجهد فان ذلك لن يمنع الرياح من أن تحمله وتجعله هباءا منثورا إذا كنت تريد به غير الله تعالى.
كما أن العمل بدون إخلاص معصية لله تعالى حتى ولو كان حفظا للقرآن الكريم, لأنك بهذا العمل الذي فيه رياء تخالف أمرا عظيما جاء في قوله تعالى: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين"."البينة5".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد, فأتى به, فعرفه نعمه, فعرفها, قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت, قال: كذبت, ولكنك قاتلت ليقال جريء, فقد قيل, ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار, ورجل تعلم العلم وعلمه, وقرأ القرآن, فأتى به فعرفه نعمه, فعرفها, قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن, قال: كذبت, ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم, وقرأت القرآن ليقال قارئ فقد قيل, ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار, ورجل وسع الله عليه, وأعطاه من أصناف المال كله, فأتى به فعرفه نعمه فعرفها, قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل يحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك, قال: كذبت, ولكنك فعلت ليقال: هو جواد, فقد قيل, ثم أمر به فسحب على وجهه, ثم ألقي في النار". رواه مسلم.
لهذا انتظر قليلا وأنت تمسك المصحف وتأكد أنك تنوي بعملك هذا وجه الله تعالى والدار الآخرة, وليس مكسبا ماديا, أو جاها دنيويا يقول الله تعالى: "من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا "18"ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا"19" " الإسراء.
القاعدة الثانية: "اتق الله تعالى".
لأن الله تعالى يقول في كتابه الكريم: "واتقوا الله ويعلمكم الله". البقرة282, فمن اتقى الله تعالى فعمل بالقرآن والتزم بما فيه, أعانه الله تعالى حتى يكون من أهله, فالقرآن لم ينزله الله تعالى إلينا لكي نحفظه ونكتفي بذلك, ولكن أنزله إلينا لكي نتدبر في آياته, ونعمل بأحكامه, ونجعله دستورا نغير به سلوك حياتنا, قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين سئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان خلقه القرآن", لهذا من أعظم الأشياء التي تساعدك على حفظ القرآن تقوى الله تعالى, والعمل بالآيات التي تتعلمها.
القاعدة الثالثة: "تخلق بأخلاق أهل القرآن".
هناك صفات وأخلاق لحفاظ القرآن يجب أن تتصف بها حتى تكون منهم, أهمها الصبر, وعلو الهمة, والمثابرة, وقوة العزيمة.
وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام
فالطريق لكي تحفظ القرآن وتعمل به صعب وطويل, منزلة أهل القرآن لا تنال مع النوم والكسل, لأنهم لا يقفون عند حفظ رسم القرآن, وإنما يتعدون ذلك إلى التدبر في آياته, والعمل بما فيه من تعاليم وأحكام. "وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم".
إلا أن كل هذا التعب يصبح يسيرا, وتتحول المشقة إلى راحة وسعادة, حين ينتهي السفر ويقطف أهل القرآن تلك الثمرة الحلوة التي لا يشاركهم فيها أحد. قال الله تعالى: "ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر"17" " القمر.
القاعدة الرابعة: "اجتهد في الدعاء".
نعم توكل على الله تعالى واجتهد في الدعاء, ولا تمل من كثرة سؤال الله تعالى أن يجعلك من أهل القرآن, فمن أدمن طرق الباب لا بد أن يدخل منه.
والدعاء عبادة عظيمة يستطيع الإنسان أن يصنع بها ما يسميه الناس مستحيلا, بشرط أن يتأدب بآداب الدعاء ويبتعد عن موانع الاستجابة ولا يستعجل, قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: "سنقرئك فلا تنسى"6""الأعلى. فالله سبحانه وتعالى قادر على أن يجعل العبد يقرأ فلا ينسى.
اللهم إنا نسألك بأنا نشهد أنك أنت الله الحي القيوم الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد, أن تجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك, وأن تجعل القرآن قائدنا إلى الجنان, وشفيعنا حتى لا ندخل النيران, برحمتك يا عظيم الجود والإحسان, اللهم ذكرنا منه ما نسينا, وعلمنا منه ما جهلنا, وارزقنا تلاوته وتدبر معانيه, آناء الليل وأطراف النهار, على الوجه الذي يرضيك عنا, برحمتك يا أرحم الراحمين.
منقول بواسـطة/حاملة القرآن
يـتـــبـــع ......